تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هيئات المجتمع الدينية والمحلية تشدد على أهمية فهم جدول أعمال الأمم المتحدة 2030

14 يوليو 2021

لقد هيمن الدور المهم الذي اضطلعت به الجهات الفاعلة الدينية والتقليدية في الإسهام في تحقيق جدول أعمال الأمم المتحدة لعام 2030 وأهدافها للتنمية المستدامة على جدول أعمال الاجتماع الافتراضي الرفيع المستوى الذي نظمته بالأمس المنظمة العالمية لصنع السلام وبنائه شبكة صانعي السلام بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومركز الحوار العالمي "كايسيد" وحضره كبار صانعي السياسات وممثلي أتباع الأديان.

وكان جدول أعمال عام 2030 للتنمية المستدامة، الذي يشمل أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، قد تبنته 150 دولة من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة في عام 2015. ومع أن البلدان والحكومات أدمجت جدول أعمال عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة في خططها الوطنية، فإنه لا يوجد أي بلد في طريقه حاليًّا إلى تحقيق هذه الأهداف.

ثم إن تنفيذ هذه الأهداف قد واجه انتكاسة كبيرة في العام الماضي نتيجة تفشي جائحة "كوفيد-19"، التي أحدثت اضطرابًا لم يسبق له مثيل في الجهود الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الدولي وتسببت في وفاة 3.8 مليون إنسان وأكثر من 178 مليون إصابة في شتى أرجاء المعمورة.

وقد حفزت هذه الجائحة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الدعوة إلى تمكين الجهات الفاعلة المحلية، ومنها النساء والشباب والحكومات الوطنية، من "إعادة البناء بطريقة أفضل" مع زيادة الاستثمار في الحماية الاجتماعية، وذلك يتضمن الرعاية الصحية والتعليم بالتعاون مع القَطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني وغيرها من الشركاء ذوي الصلة.

واستجابة للدعوة إلى زيادة تمكين الجهات الفاعلة المحلية، أجرت شبكة صانعي السلام ومركز الحوار العالمي دراسة استقصائية مشتركة على الإنترنت عن عمل الجهات الفاعلة الدينية والتقليدية وجهودها لتسريع تنفيذ جدول أعمال عام 2030 على الصعيدين الوطني والمحلي.

دراسة استقصائية عالمية

وبعد أن قُدمت هذه الدراسة الاستقصائية إلى 130 من الجهات الفاعلة المجتمعية المحلية والمنظمات في جميع أنحاء العالم، استجابت لها 64 جهةً فاعلة دينية وتقليدية، ومنها النساء والشباب وممثلو بناء السلام في الأوساط الجامعية ومنظمات القيم الدينية وغيرها من الجهات الفاعلة المحلية في المجتمع المدني.

وأبرزت النتائج بعض التفاهمات الرئيسة والمشجعة لجدول أعمال عام 2030 للتنمية المستدامة، كما بينت الدراسة أن الجهات المستجيبة الأربع والستين لديها معرفة وفهم كبيران لجدول الأعمال هذا. وبجانب ذلك، فقد أوضح المستجيبون كيف نفذوا أهداف الأمم المتحدة ومؤشراتها. وعمومًا، كان هنالك تصورٌ إيجابي للأمم المتحدة ومواءمةٌ مع قيمها الأساسية. وذكر عدد من المستجيبين أيضًا المشروعات التي تعاونوا فيها مع وكالات الأمم المتحدة أو صناديقها أو برامجها، ومنها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية ومسؤولية الحماية.

وقد شهد اجتماع الأمس ملاحظات افتتاحية أدلى بها كلٌّ من الدكتور محمد السنوسي المدير التنفيذي لشبكة صانعي السلام والسفير جوكا سالوفارا الممثل الدائم لفنلندا لدى الأمم المتحدة ومعالي الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر الأمين العام لمركز الحوار العالمي.

وفي أعقاب أزمة فيروس كورونا المستجد، لفت ابن معمر الانتباه تحديدًا إلى التحديات التي تواجه تنفيذ أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ممَّا يدعو إلى تعزيز وسائل تنفيذ الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة وتنشيطها.

وقال ابن معمر: "إننا نأمُل أن تتمكن مشاركتنا اليوم من إبراز الدور الحيوي الذي يمكن أن تضطلع به الجهات الفاعلة الدينية والتقليدية عبر شبكاتها ومعارفها وحكمتها وقيادتها، كما أننا نرجو أن يفضي هذا الحدث إلى إثارة المناقشات بشأن كيفية تعزيز هذه الشراكات وتجديدها وتحسينها في الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى إعادة البناء، ونحن على أتم الاستعداد لمد يد العون للجميع".

تعزيز الجهود الشعبية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

وقال السفير سالوفارا: "إن تعزيز الجهود الشعبية من أجل تحقيق السلام والتنمية المستدامَين مُهمة طبيعية جدًّا للقيادات الدينية والتقليدية، وذلك نظرًا إلى وجود بعد أخلاقي قوي للتنمية المستدامة نتيجة تعلقها بالمساواة والإنصاف. وإننا إذ نعلم بوجود الكثير من صور عدم المساواة بين الدول وداخلها، نعلم أيضًا أن جائحة "كوفيد-19" ما زادت الأمور سوءًا إلا من ناحية زيادة الظلم والإجحاف".

وقال الدكتور السنوسي بدوره: "إن حدث اليوم لا يستهدف إظهار الجهود التي تبذلها الجهات الفاعلة الدينية والتقليدية، التي تشمل النساء والشباب، في أثناء الجائحة وحسْبُ، بل إنه يرمي إلى إبراز إسهاماتها في جدول أعمال عام 2030 الأوسع نطاقًا أيضًا. ونحن نعلم أن هذه الجهات الفاعلة تؤدي دورًا حيويًّا في المجتمعات المتأثرة بالصراعات وتقدم المساعدات الإنسانية، ومنها المأوى والغذاء والتعليم. وممَّا يؤسف عليه أن إسهاماتها ما تزال غير مستغَلة استغلالًا كافيًا، ولهذا ينبغي بذل جهود أكبر لتعبئة قدرات هذه الجهات الفاعلة وإبداعاتها ومهاراتها".

وقد ترأس حلقة النقاش كلٌّ من الدكتور موهيندر سينغ رئيس مجموعة نيشكام للجمعيات الخيرية في برمنغهام بالمملكة المتحدة، وميلا ليغورو مدير برنامج بناء السلام والمصالحة في مؤسسة خدمات الإغاثة الكاثوليكية (CRS) بالفلبين، وروري إي. أندرسون رئيس الوحدة بالنيابة ومستشار السياسات الإفريقية لقسم المشاركة الدينية الاستراتيجية في وزارة الخارجية الأمريكية، وصموئيل رزق رئيس فريق منع النزاعات وبناء السلام والمؤسسات المستجيبة (CPPRI) في مكتب الأزمات التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

الدين والهُوية

وبعد أن سلط ميلا ليغورو الضوء على الدور المهم الذي تؤديه النساء والشباب في العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، قال:

"لقد أظهرت النساء والشباب المؤمنون مرونتهم وشغفهم والتزامهم خدمةَ الآخرين عبر التضامن في تسخير الاستجابات الخلَّاقة للتصدي لجائحة "كوفيد-19"، والأهم من ذلك، تعزيز الأمل والمرونة في المجتمع المحلي. وحتى في خضم هذه الجائحة، فإن النساء والشباب يواصلون إدارة المحادثات العامة والحوار بشأن تأثيرات الجائحة في مجتمعاتهم المحلية ويشاركون فيها".

وطَوال هذا الحدث الافتراضي، أُبرز الدور الحاسم الذي تضطلع به المجموعات الدينية والأفراد في تمكين المجتمعات المحلية.

وختم روري إي. أندرسون اللقاء قائلًا: "لكي نستفيد حقًّا من الجهات الفاعلة الدينية ونمكنها، فينبغي لنا أن نستمع إليها باكرًا ونكثر من الحديث إليها مرارًا وتكرارًا. وفيما يخص الجهات الفاعلة الدينية والتقليدية، فضلًا عن المجموعات الدينية، فهي ذات أهمية حيوية حقًّا لجهود بناء السلام والاستجابة الإنسانية والتنمية الاقتصادية، على المستويين العالمي والمحلي، ويعود ذلك إلى أن الجهات الفاعلة الدينية أقرب إلى المجتمعات المحلية وتحمل قدرًا من الثقة والمصداقية قد لا يكون متاحًا للحكومات أو الجهات الفاعلة العلمانية".

ويجدر بنا أن نذكر أن السيد أوين فريزر مستشار الوساطة والتفاوض في مؤسسة بيرغوف في برلين بألمانيا هو من تولى إدارة هذا الحدث بالأمس.