تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

أليساندرا كوبولا: "السياسات قصيرة المدى غير فاعلة في مكافحة خطاب الكراهية"

06 أكتوبر 2021

أليساندرا كوبولا- أستاذة العلوم السياسية وعضو مجلس إدارة شبكة لا لخطاب الكراهية، ونائب منسق حركة لا لخطاب الكراهية في إيطاليا، وهي حملة شبابية أسسها مجلس أوروبا بغية حشد الشباب لمكافحة خطاب الكراهية وتعزيز حقوق الإنسان عبر الإنترنت. وكذلك تترأس وكالة التعزيز المتكاملة للمواطنين في أوروبا (APICE) الإيطالية غير الحكومية، وهي منظمة شبابية تُعنى بإيجاد ثقافة أوروبية مشتركة من خلال مبادرات التوعية ونشر وتعزيز القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي ومبادئ مجلس أوروبا.

 كيف كانت مشاركاتكِ في مجال مكافحة خطاب الكراهية؟

في عام 2014 وقع الاختيار عليّ لحضور ندوة في مركز الشباب الأوروبي في ستراسبورغ تحت عنوان "المشاركة الشاملة للشباب الأوروبي عبر الإنترنت" والتي استضافها مجلس أوروبا (COE). حيث أطلق المنظمون التابعون للمجلس "حركة لا لخطاب كراهية" والتي كانت بادئ الأمر ردًا على مذبحة "أوتويا" Utøya في النرويج، مستهدفةً مجموعة من الشباب في مخيم صيفي، لتشكَّل بعد ذلك لجان وطنية قادت الحملة في مختلف الدول الأعضاء، مدعومةً من منظمات حكومية ومنظمات المجتمع المدني ومتطوعين من الشباب. وقد تواصلتُ مع المنسق الخاص ببلدي الأم إيطاليا لأكون ناشطةً في الحملة هناك.

ما الغرض من هذه الحملة؟

يتجلى هدف مكافحة خطاب الكراهية في حشد الشباب في جميع أنحاء القارة الأوروبية وتوعيتهم بحقيقة أنَّ خطاب الكراهية انتهاكٌ لحقوق الإنسان. فحتى نتصدى لخطاب الكراهية يجب علينا مكافحة انتشاره. وحتى عام 2017 كنا قد أطلقنا 47 لجنةً وطنيةً شنت حملات في بلدان مختلفة من أوروبا، وتخطتها لتشمل كلاً من المكسيك وتونس.

إبان انطلاق الحملة، كان الإبلاغ عن خطاب الكراهية عبر الإنترنت أكثر صعوبةً وأقل تواترًا مما هو عليه اليوم. لذلك طورنا ما أسميناه "نظام مراقبة خطاب الكراهية"، وهو نظام يُمكِّنُ النشطاء من الإبلاغ عن خطاب الكراهية عبر الإنترنت في أي مكان يحدث فيه، فبتنا نتحقق يدويًا من جميع منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، ونقيّمها ثقافيًا ولغويًا. ولكنّ استفحال انتشار خطاب الكراهية جعل مواصلة العمل بهذه الآلية أمرًا صعبًا.

لذلك طورنا لاحقًا نهجًا بديلاً للمجابهة، يمكّن الشباب والمعلمين من مكافحة واستبدال الروايات البغيضة عبر الإنترنت.

وفي عام 2017، قاد مجلس أوروبا الحملة بشكل مباشر، وسلّم المهام إلى الدول الأعضاء، لتقود الحركة منذ ذلك الحين الحملات الوطنية والنشطاء عبر الإنترنت والمنظمات الشريكة، ويبقى مجلس أوروبا الداعم الرئيسي لنا.

 في إيطاليا، اجتمعتُ مع نشطاء آخرين، وبدعم من وكالة التعزيز المتكاملة للمواطنين في أوروبا؛ للعمل على ترجمة كافة المحتوى الإلكتروني إلى الإيطالية وتعزيز الحملة على المستوى المحلي بحيث تستهدف "القواعد الشعبية".

كيف السبيل للوصول إلى الشباب؟

عملنا على ذلك بوسيلتين. استخدمنا في الأولى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بدأنا منذ عام 2013 باستخدام فيس بوك. ولاحقًا نشطنا على إنستغرام وتويتر، وكذلك أدرجنا تيك توك في قائمة "المهام" الخاصة بنا. وكذلك ركزنا على عالم "الرياضات الإلكترونية" حيث يتجلى خطاب الكراهية والتنمر. وكذلك بتنا نستخدم موقعنا الرسمي على الإنترنت لنشر الوعي باستخدام الصور المعبرة (Memes) ومقاطع الفيديو والرسوم البيانية لاجتذاب الجمهور ودفعهم للمشاركة.

 أما الوسيلة الثانية فهي استضافتنا "أيام عمل" بمحتوى موجَّهٍ إلى جيل الشباب.

 من المهم أن ندرك عدم فعالية السياسات قصيرة المدى في مكافحة خطاب الكراهية. فعندما تُعدُّ جيلاً جديدًا من الشباب يدرك خطورة خطاب الكراهية ويستخدم لغة شاملة ويفهم تمامًا أساليب التلاعب بالألفاظ، فأنت بذلك تنشئ مجتمعًا مدنيًا قادرًا على دحر خطاب الكراهية.

Image

 ما هو شكل خطاب الكراهية الأكثر انتشارًا، ومن هي المجموعة المستهدفة بشكل رئيسي؟

 لقد أثبتت أبحاثنا اختلاف المجموعات الأكثر تضررًا بخطاب الكراهية باختلاف المنطقة، فغالبًا ما يتعلّق الأمر بالوضع الثقافي والسياسي للبلاد.

وفي الوقت الراهن يستهدف خطاب الكراهية بشدة الأشخاص المثليين والنساء. وخلال أزمة اللاجئين في عام 2015، استهدف خطاب الكراهية المسلمين باطراد. ونشهد مؤخرًا عبر الإنترنت عودة ظهور المشاعر المعادية للسامية.

كيف أثَّرت جائحة كوفيد-19 في انتشار خطاب الكراهية؟

لقد شهدنا زمن الجائحة استقطابًا قويًا أذكى نار خطاب الكراهية عبر المجتمع الإلكتروني. حيث بدأ الأمر بتوجيه خطاب الكراهية لأيّ شخص يبدو آسيويًا أو صينيًا، ثم توجه الاستهداف نحو اللاجئين والمهاجرين الذين اتُهموا بإشغال أسرة المستشفيات أو بأنهم من جلب الفيروس إلى أوروبا. لقد خاف الناس من هذا العدو المجهول الذي ظهر فجأةً، أما حملتنا فقد عملت على تغيير بعض الصور النمطية الموجهة ضد مجموعات عرقية بعينها.

وكذلك يوجد انقسام ملحوظ بين أولئك الذين يؤمنون بالعلم وأولئك الذين يؤمنون بوجود قوىً خفيّة، وعليه فإننا نشهد نوعين من الخطاب: أحدهما يعارض اللقاحات والآخر يؤيدها. لقد بذلنا جهدنا للحد من انتشار المعلومات الخاطئة، ونساعد الناس على التحقق من صحة الأخبار الموثقة بالمصادر وترك ما هو غير موثق.

 برأيكِ، ما أبرز إنجازات الحملة؟

لقد تمكنا من تأسيس مجتمع عالمي يضم الكثير من الشباب النشطاء والمهرة ذوي المواهب المتعددة، ومن ثم إنشاء شبكة "لا لخطاب الكراهية" وقيادة مبادراتها عبر هؤلاء النشطاء أنفسهم.  إنه لأمرٌ رائع أن تتمكن من تغيير طريقة تفكير الناس من خلال نهج مجتمعي.

 وكذلك فإنّ الدعم الذي نتلقاه من مجلس أوروبا كان سببًا في نجاحنا، سواءً من الناحية المالية أو عبر دعمنا لتوفير على مستوى أعلى، ومساعدتنا على التواصل مع صانعي السياسات، فمن خلال دعمهم تمكنت من حضور مؤتمر كايسيد تحت عنوان "دور الدين والإعلام والسياسات في مناهضة خطاب الكراهية" في فيينا عام 2019.

ما هو العامل الأكثر أهمية في مكافحة خطاب الكراهية مستقبلاً؟

إنَّ المشكلة تكمن في ضعف التشريعات المتعلقة بخطاب الكراهية، الأمر الذي يجعلنا مقيّدين ويجعل معالجة الوضع أمرًا صعبًا. ففي العديد من البلدان لا يُعتبر خطاب الكراهية جرمًا يعاقب عليه القانون. لقد بات الإطار القانوني الحالي قديمًا ولا يلبي احتياجات المجتمع المعاصر. يجب أن تتصدى التشريعات للتحديات الجديدة وأنماط خطاب الكراهية المحدثة.

 وثانيًا إنّ تعزيز الثقافة الإعلامية بين البالغين أمر غاية في الأهمية، بمن فيهم الآباء والمعلمون والموجهون وأولئك الذين لم يواكبوا التطور الرقمي.

فأحيانًا لا يدرك كبار السن العواقب القانونية لسلوكهم عبر الإنترنت. وكذلك علينا أن ندرّس الشباب حقوق الإنسان، سواءُ من خلال التعليم الرسمي أو غير الرسمي.

أما الأمر الثالث فيتمثل في ضرورة إدارة الإنترنت. فهو أمرٌ يؤثر على الخطاب العام وقد يكون سببًا في تأجيج الكراهية والخوف، وقد يعدو ذلك فيكوّن أرضيةً خصبةً للتطرف والفكر المتطرف.

الكلمات الرئيسية