تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

أصوات دينية تصدّع في جميع أرجاء أمريكا الشمالية داعيةً إلى التضافر متعدد الأديان لمعالجة آثار جائحة كوفيد-19 وآفة العنصرية وقضايا اللاجئين

18 أغسطس 2020

  اجتمعت أمس نخبة من القيادات الدينية ومسؤولين حكوميون وخبراء أكاديميين ورجال أعمال من أمريكا الشمالية إلكترونيًا لمناقشة آراء أتباع الأديان إزاء جائحة كوفيد-19 الحالية وغيرها من القضايا التي تخص العنصرية واللاجئين والهجرة القسرية.

ويأتي هذا المنتدى الإلكتروني الخامس ضمن سلسلة من الاجتماعات الإقليمية التي سوف يصدر عنها توصيات سياسية لمنتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين قبل المقترحات المزمع تقديمها إلى زعماء العالم في قمة مجموعة العشرين لهذا العام المزمع عقدها في العاصمة السعودية الرياض في أكتوبر القادم.

 ألقى روميو أ. دالير، الفريق (المتقاعد)، مؤسس مبادرة روميو دالير لوضع حد لتجنيد الأطفال التي تسعى جاهدة إلى تقويض تجنيد الأطفال واستغلالهم، الكلمة الافتتاحية وعوّل على خبرته بصفته قائد قوة بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى رواندا قبل اندلاع الإبادة الجماعية عام 1994 وأثنائها التي تضمنت القتل المنهجي لأكثر من مليون شخص، معظمهم من قبائل "التوتسي" وطالت أيضًا المسالمين من قبائل "الهوتو والتوا" وغيرهم الذين عارضوا هذه الإبادة الجماعية بحسب ما ورّد في تقارير الأمم المتحدة.

وقال دالير: "تشير العديد من القرائن إلى الحقيقة بأن شباب العالم الثالث لن يتحملوا بعد الآن العيش في ظروف تقتل فيهم كل أملٍ في المستقبل، وهذا هو بذرة غضبهم العارم."  وأضاف: "إذا تقاعسنا عن شحن القاعدة الجماهيرية العريضة بترانيم الأمل، فسيعيد التاريخ نفسه ويشهد المستقبل مثل أحداث رواندا وسيراليون والكونغو وأحداث 11 سبتمبر."

وسلط معالي الأستاذ فيصل بن معمر، الأمين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد"، الضوء على أن العنصرية والمعلومات المضللة الرائجة تعيق مسيرة التصدي لهذه الجائحة."  وأضاف: "جائحة كوفيد-19 عدوٌ خفيٌ في طبيعته البيولوجية جليٌّ في تبعاته. فهذه الجائحة غيرت وجه العالم في بضعة شهور فقط، ولكنها كشفت الستار عن الانقسامات والتصدعات وأوجه اللامساواة التي لم تنفك أبدًا عن عالمنا وغيرها من صور العنصرية ورهاب الأجانب والمعلومات المضللة مما صعَّب علينا أمر تجاوز الأزمات المتفشية مثل جائحة كوفيد-19." 

 اتخذ اللقاء التشاوري الإقليمي لمنطقة أمريكا الشمالية شكل ثلاث مناقشات بحثت قضية اللاجئين والهجرة القسرية واستجابة الأديان لجائحة كوفيد-19 جنبًا إلى جنب مع نقاشات أخرى لإرساء مبادئ مناهضة العنصرية والمسؤوليات الدينية.

 خلال استضافته في "محادثات حول مناهضة العنصرية والمسؤوليات الدينية"، أكد الدكتور غانون ديوب، مدير الشؤون العامة والحرية الدينية للكنيسة السبتية حول العالم، على أهمية التصدي لـ "وباء العنصرية الذي سكَّن عالمنا وما فارقه."

 وأضاف الدكتور ديوب: "جائحة كوفيد-19 العالمية التي نعيشها في الوقت الراهن رفعت درجة الوعي للإلمام بخطورة وباء العنصرية الذي سكَّن عالمنا وما فارقه. فوحشية مقتل الأمريكي من أصل افريقي، جورج فلويد، أثناء اعتقاله في أحد مراكز الشرطة في مينيابوليس أطلقت العنان لموجة عارمة من الغضب والنفور من شرور العنصرية التي عصفت بالعصور الغابرة.  ويحتم منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين الاعتراف بأن العنصرية وما يتذيّلها من حركات مناهضة لها ليست مجرد قضية بل التباس في الفهم. فالعنصرية تشل كل جانب من جوانب المساعي البشرية وتزيح البشرية شيئًا فشيئًا من على ظهر الكوكب."

وأثناء استضافتها في "محادثات حول آراء الدين إزاء جائحة كوفيد-19"، توضح روث ميسينجر، رئيسة منظمة الخدمة الأمريكية اليهودية العالمية، العلاقة الطردية بين انتشار الجائحة العالمية الحالية التي أودت بحياة أكثر من 761,800 شخصًا وسجلت أكثر من 21.6 مليون حالة مؤكدة وتفاقم صور اللامساواة وغيرها من المشكلات الصحية."

 وأضافت ميسينجر: "عنايتنا بجائحة كوفيد-19، كما هو الحال في بقاع شتى من المعمورة، سوف تُقَّلِص عنايتنا بغيرها من التدابير الصحية. فمثل هذا وإن طُبق في الدول الواقعة في نصف الكرة الأرضي الجنوبي، فإننا ولا شك سوف نُفجع بتفشي الأوبئة مثل الحصبة."

 واصلت ميسينجر حديثها، قائلة: "إن منظماتنا الدينية والشعبية ترى في الحقيقة من زاوية أفضل حالًا من زاوية العديد من زعماء العالم، وخاصة آثار هذه الجائحة التي تنطوي على عواقب اقتصادية مدمرة. وحيثما يتفشى الوباء، يعجز الناس عن زراعة المحاصيل التي تدخل في صناعة المواد الغذائية ويعجزوا عن الذهاب للتسوق ويعجزوا عن المقايضة ويعجزوا عن توفير الطعام لذويهم."

أما في المناقشة الأخيرة "محادثات حول قضية اللاجئين والهجرة القسرية"، فقد سلط القس ديفيد هولينباك، أستاذ الأبحاث المتميز في كلية والش للخدمة الخارجية (Walsh School of Foreign Service) وأحد كبار الباحثين في مركز بيركلي للدين والسلام والشؤون العالمية التابع لجامعة جورجتاون، الضوء على سبل الاستفادة من تراث المجتمعات الدينية للتخفيف من حدة احتياجات اللاجئين وغيرهم من المهاجرين قسرًا."

واختتم القس هولينباك حديثه، قائلًا: "أزمة اللاجئين ليست قاصرة على هؤلاء الذين يتجرّعون مرارتها، بل تمس أيضًا ضمير المجتمع الإنساني أي القاسم المشترك الذي يجمعنا سويًا. وبوسعنا القول أن المجتمع الإنساني ممزق، ونحن نزيد الأمر سوءًا ببناء الجدران العازلة واستبعاد الأهالي وإجبارهم على استشعار معاناة أسلافهم وهم يعبرون البحر رهوًا في قوارب بلاستيكية. إنه حقًا أمر جد خطير."  

وستُستأنف المشاورات الإقليمية لمنطقة أمريكا الشمالية في 21 أغسطس، وستتوج بسلسلة من التوصيات التي ستقدم إلى صانعي السياسات حول المحاور المواضيعية لقمة مجموعة العشرين. سيركز جدول أعمال منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين لعام 2020 على أهداف التماسك الاجتماعي والعدالة والاستدامة، وهي المواضيع الأساسية للمنتدى منذ انطلاقه.

استضاف الحدث أمس مركز بيركلي للدين والسلام والشؤون العالمية التابع لجامعة جورجتاون والمنظمة العالمية للحوار بين أتباع الأديان والتنمية (WFDD). وتجدر الإشارة إلى أن الجهات المنظمة للحدث هذا العام هي رابطة منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين ومركز الحوار العالمي (كايسيد) ومبادرة الأمم المتحدة لتحالف للحضارات (UNAOC) واللجنة الوطنية لمتابعة مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (NCIID).