زملاء كايسيد يقودون نقاشًا حول الدين والدبلوماسية وبناء السلام متعدد المسارات في منطقة البلقان

08 أغسطس 2025
AJ

اجتمع أكثر من عشرة من زملاء كايسيد، وأعضاء شبكة الحوار، وغيرهم من أعضاء شبكة كايسيد من مختلف أنحاء أوروبا، في العاصمة النمساوية فيينا، للمشاركة في مؤتمر الأكاديمية الأوروبية للأديان (#EuARe2025) – أكبر فعالية سنوية في أوروبا تُعنى بالحوار بين أتباع الأديان ودراسة الأديان – لاستكشاف كيف يمكن للحوار بين الأديان أن يتقاطع مع الدبلوماسية الرسمية والمجتمعية، من أجل بناء الثقة وإعادة تأهيل المجتمعات المنقسمة في منطقة صاغتها انقسامات تاريخية عميقة.

في جلسة نقاش حول التثقيف الديني، شددت الزميلة بيسا إسماعيلي، العضو السابق في برلمان كوسوفو والأستاذة في كلية الدراسات الإسلامية في بريشتينا، على ضرورة إشراك القيادات الدينية بشكل فاعل في بناء مجتمع أكثر شمولًا وعدالة في المنطقة، من خلال دعم التعددية الدينية والمساواة بين الجنسين، مؤكدة أن:

"لا تزال القيادات الدينية تتمتع بسلطة أخلاقية معتبرة داخل مجتمعاتها."

وفي جلسة نظمها كايسيد تحت عنوان “الدين، الدبلوماسية، والحوار في سياق البلقان: رؤى تقاطعية”، تبادل متحدثون من ألبانيا، صربيا، كوسوفو، كرواتيا، والنمسا وجهات النظر حول أدوار الفاعلين الدينيين، والصحفيين، والتربويين، وصانعي السياسات في دعم السلام وبناء مجتمعات أكثر شمولًا.

وفي كلمته الافتتاحية كميسر للجلسة، أشار البروفيسور أندرو جيه. بويد، مدير برنامج كايسيد للزمالة الدولية، إلى أهمية تعزيز الوعي الديني وترسيخ الحوار المؤسسي عبر القطاعات، قائلًا:

"غالبًا ما يُنظر إلى الدين من قِبل المتلقي العلماني على أنه مصدر صراع، لكن عند التعامل معه بمسؤولية، وعدم تهميشه أو حصره في المجال الخاص، يمكن أن يتحول إلى محفز فعّال للدبلوماسية والمصالحة والأخوّة الإنسانية. الدين في كثير من الأحيان جزء من الحل، وليس المشكلة."

وجاءت الجلسة بصيغة حلقة نقاش تفاعلية، شارك فيها المتحدثون والحضور في تحليل العوائق أمام التعاون – مثل السرديات التنافسية للضحايا، الجمود السياسي، والأطر الحوارية التقليدية – وطرح توصيات تدعو إلى نهج استباقي تشاركي يراعي الأجيال المختلفة.

دعم التثقيف الديني إقليميًا وعالميًا كأداة لتعزيز المرونة الديمقراطية

لا ينبغي أن تظل مسؤولية تعزيز التعددية الدينية حكرًا على الفاعلين الدينيين فقط، بل يجب أن تتكامل مع تثقيف ديني على مستوى السياسات، بحيث تُزوّد المؤسسات بالمعرفة اللازمة للتعامل البنّاء مع الدين. وفي هذا السياق، دعا البروفيسور الدكتور غينتي كرويا، رئيس منظمة "أديان من أجل السلام في أوروبا"، مستندًا إلى عمله الأكاديمي وتجربته في المجلس الألباني للحوار بين أتباع الأديان، إلى تعليم ديني تحويلي يجمع بين التقاليد الدينية والمسؤولية المدنية، مشيرًا إلى أن:

"الدبلوماسية الدينية قادرة على دمج القيم الأخلاقية والروحية في السياسات، بما يعزز المصالحة، ويمنع العنف، ويدعم مجتمعات أكثر شمولًا."

وفي الوقت نفسه، غالبًا ما تقع على عاتق الفاعلين المحليين – من قيادات دينية، وتربويين، وممثلي المجتمع – مسؤولية بناء الثقة والحفاظ على التماسك الاجتماعي. وتُعرف هذه الجهود بدبلوماسية المسارين الثاني والثالث، حيث تلعب هياكل الحوار المحلي، والمشاركة المجتمعية، والأنظمة التعليمية دورًا محوريًا في معالجة التوترات والوقاية منها على الأرض.

قالت السيدة أنيسا كولاكوفيتش، متحدثةً عن عملها مع مبادرات بين الأديان والشباب في شمال ميتروفيتسا، كوسوفو: "يجب أن يكون الحوار أصيلًا لا شكليًا... وتحتاج السياسات إلى حوافز لدمج التنوع الديني في التعليم والتخطيط المحلي."

ترسيخ الحوار بين أتباع الأديان على مستوى البلديات عبر المجالس الشاملة

ومن منظور الحوكمة المحلية، استعرض القس الدكتور فدران أوبوتشينا، رئيس مركز الحوار بين أتباع الأديان، نماذج من البوسنة والهرسك، كوسوفو، ومقدونيا الشمالية، توضّح كيف تسهم المجالس الدينية المحلية في تجاوز الانقسامات على المستوى الشعبي. وأكد: "رغم الضغوط السياسية ومخاطر الاستغلال السياسي، يظل التعاون الديني المحلي من أكثر الأدوات فاعلية واستدامة في بناء الجسور وتجاوز السرديات القومية المتطرفة."

إدماج الحوار بين الأديان في سياسات التعليم وتدريب المعلمين

كان لدور الأنظمة التعليمية في تعزيز الفهم بين أتباع الأديان نصيب كبير من النقاش. فقد قدّمت مبروكة راياشي، المشرفة على التعليم الديني الإسلامي في ولاية النمسا السفلى وعضوة شبكة الحوار، مبادرات صفية تدعم اندماج المهاجرين من خلال غرس قيم التعاطف والاحترام المتبادل بين الطلاب. وقالت: "يجب أن تكون المدارس أماكن آمنة يتعلم فيها الطلاب الحوار والتفاهم ويعيشونه."

إعادة تشكيل الخطاب العام من خلال التعاون بين الصحفيين والفاعلين الدينيين

دعت الصحفية والباحثة الصربية يلينا يورغاسيفيتش كيسيتش إلى صحافة أخلاقية تقاوم الإثارة والتهميش في تناول السرديات الدينية، مشددة على ضرورة التركيز على قصص المصالحة، وقالت:

"يقع على عاتق الصحفيين مسؤولية إبراز التنوع الداخلي داخل المجتمعات الدينية، وتعزيز أصوات السلام والحوار."

رصد الحالة العالمية للعلاقات والحوار بين أتباع الأديان

وفي ختام الجلسة، شدد البروفيسور بويد على أن:

"مستقبل البلقان – بل وأوروبا ككل – يتوقف على التزامنا المستمر بالحوار، وبناء علاقات أعمق، واكتشاف روايات جديدة قائمة على الأمل."

وأظهرت جلسة فيينا هذا الالتزام بشكل حي، حيث سلطت الضوء على الأثر الذي يُحدثه برنامج زمالة كايسيد، من خلال تمكين أعضائه من إعادة تشكيل السياسات، والإعلام، والتعليم، وبناء السلام المجتمعي في المنطقة.

وقد كانت فعالية الزميل الأب ستيفانو لوكا، الراهب الفرانسيسكاني، مثالًا ملموسًا لذلك؛ حيث استعرض عمله البحثي الوارد في كتابه لعام 2023 "لاهوت الاختلافات "(Teologia delle differenze)، الذي استند فيه إلى المبادئ الجوهرية للتقليد الفرانسيسكاني لبناء لاهوت جديد للعلاقات بين الأديان، يشكّل قاعدة معرفية للحوار بين أتباع الديانات وأساسًا لتفعيل توصيات الجلسة على أرض الواقع.


Source URL: https://www.kaiciid.org/زملاء-كايسيد-يقودون-نقاشًا-حول-الدين-والدبلوماسية-وبناء-السلام-متعدد-المسارات-في-منطقة-البلقان